الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

15) الإقطاعية


15) الإقطاعية

عندما اجتاحت قطعان البرابرة جميع أقاليم الإمبراطورية كانوا يعبدون آلهة قبلية من عدّة أنواع مختلفة، كانت تمثّل عادةً حياتهم الرعوية، أو عناصر الطبيعة التي جعلهم أسلوب حياتهم قريبين منها وعلى احتكاك دائم بها. وسبق لنا أن فسّرنا هذا الانعكاس العقلي كما جرى التعبير عنه في الميثولوجيا الألمانية والاسكندنافية.
عندما كان هناك نظام اجتماعي جديد قد بدأ بالظهور من القبائل الاشتراكية الحرة في أوروبا، نظام يقوم على ملكية الأراضي واستعباد الذين لا يملكون الأرض، أحرز المسيحيون خطوة نحو الأمام. فالشعوب البربرية في أوروبا الشرقية والشمالية قد اعتنقت الديانة المسيحية، وقد فرضت عليهم على الأرجح بحدّ السيف على أيدي حكّامهم. طبعاً، كأي دين من الأديان الأخرى، مرّت المسيحية بمنعطفات تغييرية لتتناسب مع البيئة المحيطة والمتغيّرة.
هذا النظام الاجتماعي الجديد، القائم على ملكية الأرض، والمقسّم بحدّة لعدّة طبقات متمايزة، كان النظام الإقطاعي Feudalism. وقد انتشر في جميع أرجاء أوروبا مع مرور الزمن. لقد استعبد رجال القبيلة الأحرار سابقاً وجعلهم مجرّد عباد. وأصبح زعماء القبائل وأقاربهم المباشرين هم الأرستقراطية الجديدة. وعلى رأس كل دولة إقطاعية كان هناك ملك. أمّا الله فكان ملكاً سماوياً. بعد الملك يأتي اللوردات الذين احتكروا الأراضي وقسّموها بين أنفسهم إلى إقطاعيات حكموها بالقوة والسوط. الراعي الصالح، يسوع اللطيف، الأخ الصغير للفقراء، لم يعد موجوداً، بل رُفِع إلى مرتبة أرستقراطي. لقد أصبح "سيّدنا Our Lord". لم يكن عبداً أو فلاّحاً يقتدى به وبأفعاله وتعاليمه، بل أصبح سيداً.
أوّلت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية الديانة المسيحية من أجل أوروبا بكاملها. لم يكن بوسع الأرستقراطيين لا القراءة ولا الكتابة. لم يكن هناك أي "تعليم" خارج الكنيسة. ولكن... مع ظهور وتطوّر طبقة جديدة ضمن النظام الإقطاعي _طبقة التجّار_ بدأت المعرفة بإحراز خطوات تقدّمية صغيرة خارج الدوائر الإكليروسية. وظهر عصر النهضة من الحاجة إلى وجود طبقة التجار.

صارعت الكنيسة وبقسوة ضدّ تقدّم المعرفة. وكانت المحاكمات، والحرق على الوتد، ومحاكم التفتيش أساليب لجأت إليها الكنيسة لمقاومة الترياق الشافي من فكرة احتكارهم "للحقيقة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق